http://www.al-sharq.com/Detail/news/64/%D8%A3%D8%AE%D8%A8%D8%A7%D8%B1/38019/%D8%A8%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%B1%D8%A7%D9%87%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%84%D9%85%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%88%D8%AD%D8%A9-%D8%B9%D8%A7%D8%B5%D9%85%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AB%D9%82%D8%A7%D9%81%D8%A9-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%B1%D9%8A%D8%A7%D8%B6%D8%A9-%D9%88%D9%88%D8%A7%D8%AD%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85
الدوحة-الشرق
قام الدكتور علي عبد الرءوف أستاذ التصميم والتخطيط العمراني بجامعة قطر ببحث علمي يتناول المفاهيم المعاصرة في التسويق العمراني والمعماري مستعرضا عدد من المحاور الهامة الجديدة التي تؤثر في التخطيط والتصميم المعماري المعاصر.
وأكد د. علي عبدالرؤوف في بحثه أن خلق شخصية تسويقية للمدينة هو مفهوم هام ويصعب استيعابه وتفسيره في كثير من الأحيان، وعلى الرغم من انه مفهوم جديد ولكنه أصبح حتمي التطبيق لأي مدينة تسعى للنمو والتطور في العالم المعاصر، مشيرا إلى أن المدن يمكن أن تكون انطباعات بصرية ذهنية تميزها عن مدن أخرى بالتركيز على ما تملكه بالتخطيط لإضافة أبعاد جديدة لشخصيتها المعمارية والعمرانية.
وعن حالة مدينة الدوحة "عاصمة الثقافة والمعرفة والرياضة وواحة السلام "، قال د. علي أن الملفت للنظر في حالة مدينة الدوحة العاصمة القطرية إنها استخدمت كل الاستراتيجيات المتاحة لتسويق المدينة محليا وإقليميا وعالميا وطبقتها بصورة واعية وبأطر زمنية مدروسة أعطت لسمعة المدينة وشخصيتها التسويقية مكانة كبيرة وعالمية ولكنها في الوقت ذاته مستدامة ومستمرة وليست طفرة أو وهج سرعان ما ينطفئ.
وتابع: فعلى مستوى استقطاب الأحداث تحولت الدوحة إلى عاصمة رياضية عالمية باستضافتها دورة الالعاب الآسيوية 2006 وبطولات التنس والخيول والجولف وكرة الطائرة والعاب القوى العالمية، بالإضافة الى مساهمتها في استضافة كأس العالم 2022، كما تستضيف المدينة عشرات المؤتمرات الدولية مثل مؤتمر غرف التجارة العالمية والمصالحات السياسية البارعة.
وبخصوص توظيف الرصيد المعماري والعمراني بشقيه التاريخي والمعاصر- يكمل عبدالرؤوف في بحثه- فقد اهتمت الدوحة اهتماما خاصا بتراثها المعماري والعمراني وإحياء منطقة سوق واقف هو تجربة متميزة على مستوى الخليج ككل تعكس هذا التوجه، كما استخدمت العمارة المعاصرة في تغيير خط سماء المدينة وتطوير شخصيتها الجديدة كمحور استقطاب عالمي بازغ، وأكدت الدوحة شخصيتها الخاصة كمدينة ذات توازنا مرصودا بين الحفاظ على روافد تاريخية ووضع الرؤى والطموحات المستقبلية التي تغير كل كيان المدينة وتدفعها الى المسرح العالمي .
كما اهتمت الدوحة –بحسب الأطروحة العلمية- بالبيئة وأهمية الحفاظ عليها ثم إثراء التجربة الثقافية بالمدينة من خلال إقامة مشروعات ثقافية ومعرفية وأكاديمية متعددة ومتفاعلة مع مجتمع المواطنين والمقيمين على السواء كالمتحف الإسلامي والحي الثقافي والمدينة التعليمية.
واعتبر أن الدوحة "مدينة ناجحة"، موضحا أن المدينة الناجحة هي مدينة تخاطب الإنسان وتتحاور مع عقله ومشاعره ومتطلباته وهذا العنصر الأخير وكما يتبلور في رؤية قطر 2030 سيجعل من الدوحة اكتمالا لنموذج اذا تضافرت كل أنسجته سيكون غير مسبوقا ويتحقق حلم العرب في مدينة يحلم بها العالم بأسره.
وفيما يتعلق بالتساؤلات الهامة بشأن كيف تخلق المدينة شخصيتها؟ كيف تسوق المدينة نفسها؟ بين عبدالرؤوف انه لم يعد مثيرا للدهشة استعانة المدن بخبراء تسويق عالميين لصياغة الاستراتيجية التسويقية لمدينة ما، وأشار إلى أن أهم الاستراتيجيات التي يمكن إن تحقق رؤية المدينة لشخصيتها المتميزة وهي: أولا: القدرة على استقطاب الأحداث والفعاليات الهامة ذات التأثير العالمي ، حيث أن المدينة المعاصرة لم تعد تحاور سكانها وإنما تمتد لتحاور العالم في عصر ثورة الاتصالات والقدرة الغير مسبوقة على التواصل وجزء هام في هذا التواصل هو الانتقال إلى مرحلة استقطاب الآخر من خلال القدرة على استضافة أحداث فنية ورياضية وثقافية واقتصادية تعمق فكرة التواصل مع الآخر والرغبة في الانفتاح على العالم، وتؤكد على القيمة العالمية للمدينة وتعيد صياغة عمرانها وعمارتها لتتمكن من لعب هذا الدور العالمي.
أما التساؤل الثاني فقد عبر عنه عبدالرؤوف بتوظيف الرصيد المعماري والعمراني بشقيه التاريخي والمعاصر؟، مشيرا إلى أن ما تملكه المدينة من تراث معماري وعمراني له قيمة هو أداة جوهرية لتسويقها إذا تم تفعيله بالحفاظ عليه أولا ثم بتقديمه لخبرات جديدة للتفاعل مع المكان من خلال إعادة توظيف هذا التراث كما فعلت فاس ومراكش بالمغرب ، وبنفس القدر من الأهمية فإن ما سوف تملكه المدينة في مشروعاتها المستقبلية يلعب دورا حيويا في تسويقها فالواقع أن العمارة المثيرة المبدعة أصبحت من أهم أدوات التسويق العمراني للمدينة.
وأخيرا جاء التساؤل الرابع، ليعد صياغة شخصية للمدينة لها روافد تاريخية وطموحات مستقبلية ؟، فالهدف هو أن يكون المخطط راصدا واعيا لمفردات شخصية المدينة التي يشارك في تخطيطها بحيث تكون عملية تأكيد شخصية المدينة وإعادة تجديدها وتركيبها في صورة جديدة هي عملية ديناميكية مستمرة تساندها المشروعات المعمارية والعمرانية وأنماط الحركة وتميز الاستعمالات وتوزيعها والارتكاز على المرجعية الإنسانية والبيئية للتنمية بحيث تصبح المدينة مدينة للجميع ونموذجا لتنمية مستدامة تستدعي أهمية حقوق الأجيال القادمة وتطلعاتهم.
No comments:
Post a Comment